يسعد وحدة الدراسات الفقهية والأصولية التابعة لمركز مناهل للدراسات والأبحاث وإحياء التراث أن تقدم إصدارها الجديد إلى السادة الباحثين وجمهور القراء والمتطلعين إلى المعرفة الشرعية، الذي ينقل للقارئ الكريم هذا العمل الجاد والمتميز.
وقد حاول من خلاله المؤلف أن يسلط الضوء على
قضية مركزية من قضايا أصول الفقه، وهي المتعلقة بضابِطِ القطْعِ والظّنّ عند
الأصوليين ووظيفته المعياريّة في مباحثِ أُصولِ الِفقْهِ.
ويكتسي
هذا الموضوع أهميته من حيث إنه يعالج إشكالية الاعتراض على قطعية الأصول من قبل
بعض العلماء المعاصرين، وما أثاره هذا الاعتراض من نقاش ودراسات عليمة في الموضوع،
التي خلصت إلى أن القطع والظن قد ارتقى من كونه قضية معرفية إلى كونه ضابطاً منهجياً
في تقرير القواعد وبناء الأصول، وصار معياراً محكماً في الرد والقبول والإثبات
والنفي في أصول الفقه.
وفي هذا الاتجاه استطاع الباحث الدكتور عبد الحميد الراقي أن يمضي بخطى ثابتة في مسالك وأغوار هذا الطرح العلمي، وأن يربط موضوع هذه الدراسة بجذوره في المدونات الأصولية الأولى التي ظهرت منذ رسالة الإمام الشافعي وبعدها، ليكشف الغمام عن تطور هذين المصطلحيين (القطع والظن) باستقراء المباحث الأصولية للتحقق من فرضية هذا الطرح الجديد الذي خلصت إليه الدراسات المعاصرة.
وبهذا
الجهد العظيم الذي استفرغه الباحث في معالجة إشكالية هذا الموضوع والكشف عن
فرضياته -كما يظهر من خلال مطالعتنا لهذا
الكتاب- فإنه يستحق منا كل الشكر والتقدير
والدعم والتشجيع.
وإننا
اليوم إذ نطبع هذا العمل - خدمة للبحث العلمي الرصين- ونخرجه إلى حيز الوجود
ليستفيد منه رواد العلم والمعرفة وطلاب علوم الشريعة، لنرجو أن تعقبه أعمال أخرى
للمؤلف، الذي نرجو له كامل التوفيق والسداد في مسيرته العلمية والمهنية.
كما
نرحب بجميع المبادرات والأعمال الهادفة الجادة من الأشخاص الباحثين، ومن الهيئات
التي تريد نشر بحوثها وأعمالها المستجمعة لشروط البحث العلمي الأكاديمي
الرصين.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.