بعد كلمة مسير الجلسة الدكتور محمد ابجطيط، وحسن تقديمه للموضوع الذي مهد له بطرح التساؤلات الآتية:
- إلى أي حد يمكن أن يكون الاجتهاد في هذا الموضوع ضرورة ملحة؟ وهل من دواعي موضوعية تقتضي ذلك؟ ثم ما هي الجهات التي تصدر عنها هذه الدعوات؟ وما هي خفياتها الفكرية والمنهجية؟ والعلمية؟
وبعد التعريف بالأستاذ الدكتور محمد خروبات، باعتباره:
- أستاذ التعليم العالي في جامعة القاضي عياض مراكش.
- من العلماء المشهود لهم بالبحث الأكاديمي الرصين، ومن أعمدة العلم والفكر في هذا البلد.
- صدر له العشرات من المؤلفات في شتى فنون العلوم الشرعية وغيرها.
- كما يرأس مجلة الاستناد، وهي مجلة علمية أكاديمية محكمة.
- خبير دولي ووطني في تحكيم البحوث والمقالات العلمية، وعضو في لجان التوظيف والترقيات، ومناقشات الأطاريح الجامعية... وغيرها من الوظائف والمهمات التي أسندت إلى الأستاذ المحاضر.
قدم الدكتور محمد خروبات
بين يدي محاضرته كلمة حول أهمية الأسرة على المستوى الوطني بل العالمي، ثم عالج موضوعه من أربع مقاربات:
1. المقاربة الشرعية:
لأن الكلام عن الأسرة المغربية،
هو حديث عن الأسرة المسلمة، التي تنطلق من الشرع،
ذلك أن الشرع لم يترك الأمة الإسلامية دون ضوابط عامة تضبط بناءها الداخلي، بل شيد هذا الصرح الأسري وربطه بالمحيط الذي تعيش
فيه (الداخلي والخارجي) فجاء بأحكام النكاح والطلاق والمعاشرة... ولذلك لا يمكن عزل الأسرة عن الاجتهادات الفقهية،
وإلا فهو عزل عن الإسلام بعينه، لينصهر
بعدها المرء في نظام آخر ويتخذ أحكام أخرى، لأن الطبيعة تأبى الفراغ .
والتجربة خير مثال لإثبات
صلاحية الأحكام الأسرية المسلمة منذ عصور، وعلى اختلاف الأمكنة؛ مما يؤكد أنه ليس ضمنها ما يعاب على
الأحكام الشرعية. وما تحرك الأنبياء منذ بعثتهم إلا انطلاقا من أسرهم، وكذلك الصحابة وغيرهم.
2. المقاربة التاريخية:
بين الأستاذ الفاضل مركزية الأسرة المسلمة عبر التاريخ، ومقاومتها لشتى التيارات والاتجاهات
الفكرية والاستعمارية، حيث ظلت تقاوم وتناضل نضالا حقيقيا؛
وحين أدرك الاستعمار حقيقة الأسرة وقوتها الاجتماعية؛ مارس عليها استعمارا آخر؛ فكان استعمارا فكريا ثقافيا، وذلك بتفكيكها ومعرفة أجزائها ومكوناتها من تراث، ولغة ونمط عيش وعادات وتقاليد... ليسن لها قوانين تسير عليها (وما زال بعضها جاثما على عقول المجتمعات المسلمة ) والتي تشكك في الشريعة الإسلامية، كما زرع عدة تيارات فكرية، ضمن الحركات التحررية لتخدم أغراضه الاستعمارية. (الحركة الأزلية، الحركة البهائية العباسية، الحركة القاديانية... وغيرها في مختلف البلدان الإسلامية.
وكان لهذه الحركات الدور الكبير في استهداف الأسرة المسلمة وتغيير
نظامها وبنائها، ومن البنود التي وضعتها هذه الحركات
:
- فرض الزواج في سن إحدى عشرة سنة.
- على الأرمل
الزواج بعد تسعين يوما.
- الرجوع عن الطلاق
تسعة عشر مرة.. وغيرها من طعن في الشريعة ودعوى التجديد في ما سنته.
والغريب أن قيام هذا كان
بيد نسائية، أولهن تدعى (روزيتاج) التي ادعت حرية المرأة ودعت إلى الإباحية، وهاجمت التشريعات الإسلامية كالحجاب
والتعدد والولاية والطلاق والإرث، ودعت إلى ذلك كل النساء..
3. المقاربة العلمية
والمعرفة:
وهي توظيف العلوم والمناهج في قضايا الأسرة؛ فقد كرست جهود استشراقية في عدة مواضيع أسرية كالطلاق والإرث؛ تروم من خلالها تحريف النص، والتفسير الظاهري الحرفي الذي يتماشى مع أغراضهم ومصالحهم. مع عزل التأويلات المقاصدية، وقلب الحقائق مثال: (القوامة؛ وهي عندهم بمعنى دونية المرأة واستعلاء الرجل) مما يولد عدة شبهات يحتجون بها، ويؤثرن بها على الناس، لاسيما وأن منهم مدرسون في الجامعات الإسلامية، بل منهم من أسند إليه وضع قوانين؛ ليتخذوها فرصة لدس أفكارهم ودعاويهم كما فعلت فرنسا في تونس، وإيطاليا في ليبيا...
4. المقاربة القانونية
والمواثيقية:
وذلك من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية؛ التي تقيد المجتمعات المسلمة تحت اسم القانون الدولي، وحرية التعبير وغير ذلك. وهذه المواثيق تشجع على نظام أسرة دولية، يطبق على دولة دون أخرى.
وقد وقع المغرب على قانون المساواة وعدم التمييز بين الجنس. لكن الدستور ينص على المواءمة، وإلا فإن أصول ومرجعية المدونة الأسرية المغربية تنطلق من مستند شرعي (الإسلام والمذهب المالكي) والتشريعي (الحقوقي والقانوني) وهدف هذه الاتفاقيات عدة أغراض منها:
- إلزامية تحديد
النسل.
- التربية الجنسية.
- المساواة بين
المرأة والرجل مساواة تماثلية. في حين أن الشريعة تنظر إلى هذه المساواة نظرة تكاملية يكمل الرجل المرأة، وتكمل المرأة الرجل.
ومن الأسئلة التي وقف معها الأستاذ المحاضر: إيجابيات المدونة؟ وقد أجاب من خلال:
- أن الحديث عن المدونة لا يقتصر على كتيب يحوي 400 مادة فقط، بل على كم هائل من الكتابات التي ظهرت والتي لها محل من النظر والاعتبار؛ . ثم إنها جمعت قضايا الفقه الإسلامي؛ بحيث يمكن اعتبارها الوحيدة التي تستمد من الشريعة الإسلامية، مما يمنحها تقديرا خاصا.
- أنها قدمت خدمة للفقه الإسلامي
بوضع تعاريف اصطلاحية مستوحاة من القرآن والسنة والفقه الإسلامي. (تعريف الزواج، الخطبة...)
- فتحت باب الاجتهاد
في الشريعة الإسلامية، وتعاملت مع القضايا كنوازل، فعالجتها بأسلوب علمي شرعي.
- جسدت نوعا من
التكامل المعرفي؛ بين الفقهي والقانوني والقضائي والحقوقي والعلوم الإنسانية - علم
النفس وعلم الاجتماع-.. وفتحت باب الاجتهاد على عدة أسس.
بعد هذه المحاضرة القيمة تناول الكلمة مقدم المحاضرة الدكتور محمد ابجطيط ليعطي ملخصا حول أهمية هذه المحاضرة وما احتوته من إفادات، أحال بعدها الكلمة للدكتورمحمد خروبات ليجيب فيها عن أسئلة المشاركين المستفيدين.