ولد الكاتب بإقليم الراشدية  بالمملكة المغربية سنة 1380 هـ الموافق 1960م وحصل شهادات علمية عليا (دكتورة الدولة في الدراسات الإسلامية والماجستير) [1]وغيرها من الشهادات والمناصب التي اضطلع بها وكان القران الكريم مشروع حياته ويتجلى انشغاله بهذا المشروع في مختلف شعب حياته (صارت قضاياه قرآنية ومجالسه قرآنية ومصطلحا ته قرآنية وبرنامجه قرآنيا وشعره قرآنيا وتصوفه قرآنيا)[2] وقد التحق بربه يوم  17 ذو القعدة 1430 هـنوفمبر 2009، بتركيا[3]

لن أراعي في تقديم هذه الرسالات القرآنية التي عنون لها وقدمها مرتبة (في تحديد الوجهة / مجالس القرآن منهج الغرباء/ إنه وحي فتعرضوا له/ حول مفهوم التدبر/ الإخلاص بوصلة الطريق ) الترتيب الذي درج عليه الكاتب وإنما سأقدم ما أخره وأخر ما قدمه في أسلوب مختصر مع إضافات وإيضاحات واضعا كلامه بين قوسين مشيرا إلى رقم الصفحة في الهامش للرجوع إليه، وأسميت تلك الرسالات الخمس بالمفاتيح إيمانا مني أن من أخذها بحقها سيفتح له القران الكريم بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.

ويشتمل الكتاب على110 صفحة من الحجم الصغير وقد تولى نشره دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة سنة2010 م 1431  هـ، ورغم حجمه الصغير فانه سفر نفيس مكتوب بأسلوب أدبي ساحر وبلغة راقية تأخذ قارئه نحو المراقي وتلهب مشاعره وتحيي روحه.

يكشف الكاتب رحمه الله عن خمسة أخطاء في تعامل المسلم مع القران الكريم ويصف لكل داء دواء ولكل علة بلسما وترياقا وهو بذلك يجيب عن السؤال المؤلم الذي يحرق قلوب عشاق القران: كيف نستفيد من القران؟ )ماذا نصنع حتى نتفاعل مع القران كما تفاعل معه جيل الصحابة أوليس هذا القران نفسه هو الذي تخرجت به هذه الأمة؟ )[4]

المفتاح الأول الإخلاص  بوصلة الطريق

ويعرف الإخلاص بعبارات أدبية وإشارات روحية بقوله (صمام أمان وبوصلة سير وميزان عمل وضمان وصول)[5] وقد حذر من نسيانه (ومن عاش لحظة من عمره بغير إخلاص يكون قد وضع مصيره على فوهة مدفع شيطان)[6] فالمسلم يخلص النية لله في كل شعب حياته عواطف ومشاعر وأقوالا وأفعالا ويحررها من كل متع الحياة الدنيا وأعراضها وأغراضها، ولقد رسم ملامح المخلصين بريشته الماهرة (المخلصون هم الذين يحضرون في المغارم ويغيبون عند المغانم ولا يتزاحمون باسم العمل الإسلامي على المراتب والرواتب)[7] 

ولنتذوق حلاوة الإخلاص لا بد من (قرار ومكابدة أو قل عزيمة ومجاهدة ودونك الآية [إن الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ][8] فالإيمان إذا لا يعبر عن الولاء الكامل لله إلا بالهجرة المادية والروحية وهي تنبع من اتخاذ قرار وعزيمة وتعقبها مجاهدة النفس والشيطان حتى الموت والفناء)] [9

ولم يفته أن يذكر الحركات الإسلامية ـ بهذا الركن الركين  ويحذرها من نسيانه وقد تجرعت هذه الحركات كأسا دهاقا من مرارة الانكسارات و(ذهبت مجهوداتها المبذولة طوال أربعين سنة هباء منثورا تأخرنا فيها بدل أن نتقدم)[10] بسبب نسيانها لهذا المفتاح (وكلما تساءلنا أين الخلل يبادرنا الشيطان بإلقاء أسباب منطقية كاذبة ومن المنطق ما هو كاذب تعمية عن جواب القران الواضح  إنه الإخلاص [11] لأن هذه الحركات الإسلامية كانت ( مبهورة بنشوة الشهرة وحب الظهور واختراع مصطلحات نضالية وكلمات بطولية فأخرجت أجيالا من المتكلمين مجردين من حقائق القران)[12] 

وسبب وقوعها في هذا الفخ أنه لم يكن بحسبانها (أن حصون الدعوة الإسلامية هي أول شيء يقصده الشيطان بالإغارة وأن قوافل الدعاة أول المستهدفين بفتن التشتيت والتفتيت وعواصف التشريد والتبديد)[13]

وهل غياب الإخلاص هو العامل الوحيد الذي أخر الحركات الإسلامية وشتت صفوفها وجعل تضحياتها رمادا اشتدت به الريح في يوم عاصف ؟ أم أن هناك معاول أخرى ؟ طبعا هو أحدها وليس وحيدها.

ويجب الابتعاد في العمل الدعوي الإسلامي بمختلف مظاهره عن تمجيد الرموز والقيادات )التي تتحول في قلوب الأتباع إلى أوثان معنوية)[14] خفية وهم لا يشعرون وتجنب المبالغة في مدح الزعماء حتى لايورثهم الغرور ويزرع في صدورهم بذور العجب وينسيهم الإخلاص فيسقطون في أوحال الشهرة سكارى.

المفتاح الثاني إنه وحي فتعرضوا له

ومن عوائق الانتفاع بالقران الكريم إقبال الناس عليه (باعتباره مصحفا ورقيا جافا لا حياة فيه) و(تعاملنا مع القران أشبه ما يكون بسقوط حجر أو نيزك من السماء حاميا ملتهبا وانبهر به الناس أول الأمر فما لبث أن برد وبلي وصار ينظر إليه باعتباره حجرا من الأحجار)[15]  متميزا عن الأحجار الأخرى بقصة سقوطه إلى الأرض، وإنما القران وحي حي ونور تتدفق أنهاره على مستنقعات الظلام (وما كان لكلام الله أن يبلى أو يموت لأنه كلام الحي الذي لا يموت وإنما شعورنا به هو الذي يبلى ويموت)[16]

وقد استلهم هذه الدلالة من شرحه وتحليله لكلمة (الوحي وهي كلمة لها دلالتان أولاهما معنى مصدري لفعل وحى يحي وحيا وهو نزول خفي من السماء وبهذا المعنى المصدري للوحي يصح القول بأن نزول الوحي انقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم وثانيهما معنى اسمي وصفي أي أن الوحي اسم وصفة لازمين للقران وبهذا المعنى لم ينقطع الوحي بالتحاق محمد صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى  وإنما هو نور حاضر يتدفق في الآيات القرآنية) [17]

ومن المعاني القريبة من هذا المقصود الذي يدندن حوله المؤلف محاولا إلهاب روحنا انه سبحانه سمى كلامه بالروح في مواضع ثلاثة [ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا انه لاإله إلا انأ فاتقون] [18] [رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده] [19] [ وكذلك أوحينا أليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الأيمان [20] وقد بين جمهور المفسرين المقصود من الروح الواردة في الآيات السابقة بأنه هو القران وكفى بذلك دلالة على سره الإحيائي [21]

وحتى الدراسات القرآنية العلمية أغفلت إحياء هذا البعد في قلوب المؤمنين وذلك باهتماماتها بالبنية الشكلية للقران مثل الجوانب اللغوية والبلاغية والفقهية ــ وهي عناية مهمة ومطلوبة ــ أكبر من اكتراثها بإحياء هذا المفهوم الذي يرقى بصاحبه في تعامله مع القران (من مستوى المصحفية إلى مستوى القرآنية  وإنما أهم فصل في تعريف القران انه كلام الله )[22]    

ويبوح المؤلف بسره لآهل القران العاشقين المتعطشين لحقائق الكتاب المبين بقوله (وتلقي القرآن بوصفه وحيا وكلاما لله هو المفتاح الأساس لاكتشاف كنوزه الروحية والتخلق بحقائقه الإيمانية العظمى)[23]

المفتاح الثالث تأسيس مجالس القرآن

مما نبه إليه الشيخ للانتفاع بالقران الكريم ضرورة تأسيس وإنشاء مجالس لقراءة القرآن داخل الأسرة وخارجها لتلاوة كلام الله والإنصات إليه كي يطهر القلوب والأرواح من الأوساخ الفكرية والعاطفية التي انتقلت إليه عبر روافد قددة  كما يطهر الماء الأدران المادية

وقد يبدو هذا العمل قليلا مقارنة بما تعج به الساحة الإعلامية العالمية من مناهج وبرامج مضللة وخطط شيطانية ولكن (القران المجيد مع بياناته النبوية هو كل شيء هو البرنامج والمنهاج بما للكلمتين من معنى) [24] ويستدل الشيخ على هذا الدور الطلائعي للقران الكريم بحديث رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم :إن هذا القرآن سبب [25] طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا [26]

والتأثير السحري لهذه المجالس رهين بصدق أصحابها وإخلاص جلاسها (وأي مجلس انعقد لهذا الهدف بصدق وإخلاص لهو حلقة من حلقة الصديقين ومشكاة نور مستمدة من مصباح سيد المرسلين )[27] 

و(لا يلزم أن يكون الداعية بالقرآن والمنخرط في مدرسته والعاقد لمجالسه والمكابد لتكاليفه من أهل العلم المختصين به ) وإنما هو حق ممنوح ومكفول لكل مسلم شريط ( أن يكون له رصيد من العربية لفهم خطاب القرآن إجمالا ولقد كان العرب بداية الأمر أميين لا يكتبون ولا يقرؤون ولا معرفة لهم بمبادئ العلوم ما عدا اللسان العربي )[28]

ومع ذلك فإن (حضور العلماء في الإشراف على مسيرته الدعوية ضرورة شرعية)[29] حفاظا على سلامة سيرها وحماية من شرود بوصلتها وتعليما وتزكية لروادها.

المفتاح الرابع :قراءة القرآن بتدبر

من موانع الانتفاع بالقرآن فكريا وروحيا وتربية الإعراض عن تدبره وهو أحد مقاصد نزوله يقول تعالى [كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ] [30] وقد انصرفنا عن تدبره رغم هذه الصرخة المدوية الربانية [ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ] [31] فالذي لا يتدبر القرآن على قلبه قفل ومادامت أبواب قلوبنا مقفلة ونوافذها مغلقة فأنى تنتفع بالقرآن الكريم ؟

وسبب هذا الإعراض عدم إدراك قيمة القرآن ثم التهيب من عملية التدبر باعتبارها اجتراء على كتاب الله بدون أهلية علمية وهذا التهيب والإحساس بالذنب ناتج عن التصور الخاطئ والمغشوش لمعنى التدبر وجعله مرادفا لمعنى التفسير

واستعمال الكلمتين (التفسير والتدبر) على سبيل الترادف غير صحيح (لأن التفسير هو كشف وبيان لمعنى الكلمة أما التدبر فهو النظر في دبر الشيء والتأمل في عواقبه ونتائجه الواقعة او المتوقعة وهو اتعاظ واعتبار بمعنى الكلام وهو نوع من محاسبة النفس وتربيتها بتذكيرها بخالقها وما ينتظرها) [32]

 ولا يتشرط في المتدبر الإلمام بالعلوم والفنون الشرعية والأدبية(لأن التدبر لا ينبني عليه حلال ولا حرام ولا تصدر عنه فتوى ولا قضاء وإنما هو مسلك روحي يقود القلب للتوبة والإنابة ومجاهدة النفس) [33] فإذا علم المسلم معنى كلمة الفلق = الفجر في [قل أعوذ برب الفلق ] أمكنه التأمل في ولادة اليوم والصبح إذا تنفس وهي ظاهرة كونية ساحرة.  

 فكل من قرأ القران متدبرا متحققا بإخلاص وفهم عام لما يقرؤه سيأخذ نصيبه من نور القران وان كان نصيب العالم اكبر حظا من غيره (وعلم العالم وخبرة المفسر تعطيه فرصة أكبر بكثير لتعميق التدبر والوصول به إلى أرقى منازل الإيمان )[34] وقد يحصل الأمي المخلص على وجبة قوت أفضل بكثير من العالم المجرد من الإخلاص (ولربما سبق القنفذ الفرس ) [35]

ويلخص الفرق بين المتدبر والمفسر بقوله ( المفسر عالم وفقيه يقوم ببيان الحقائق القرآنية والأحكام الشرعية والتصدر للفتوى بينما المتدبر مجرد واعظ ومتعظ وقد يجمع الله للمرء بين الخيرين والعالم الحق لا يصلح له  إلا ذلك )[36]

المفتاح الخامس:  في تحديد الوجهة

 من العقبات التي تحول دون الاستفادة من القرآن عدم اتخاذ القرآن مشروع حياة والاشتغال به بدل الاشتغال حوله وهذه أزمة وقع فيها المسلم المعاصر ( وتتجلى أعراض هذه الأزمة في اشتغالنا حول القرآن وليس في القرآن فالذي يشتغل حول القرآن إنما يجعله شعارا ـ من حيث لا يشعر ـ بينما هو منشغل في الحقيقة بآرائه الشخصانية أو الجماعية أما الاشتغال في القرآن وبالقرآن فهو اتخاذه أساس المشروع ومنطلقه ومنتهاه تلاوة وتعلما وتعليما وتزكية والتحقق بحقائقه والتخلق بأخلاقه)[37]

وأخذ القرآن بهذه الصورة هو منهاج رسول الله والصحابة الكرام في استقبالهم لنزول القرآن ( وما كان نزول القرآن منجما ومفرقا إلا خدمة لهذا المقصد التربوي الرباني وقد استغرق نزوله 23 سنة وهي مدة بناء الإنسان في كل أبعاد شخصيته)

واشتغال المؤمنين بالقرآن بالمنهاج ذاته الذي اتبعه الصحابة هو أساس تجديد هذا الدين واستنبات جيل الفتح المبين ( وإن ذلك لهو السبيل الأساس لتحرير هذه الأمة من الأهواء والأعداء)[38]

و (أول من سيخضع لعمليات هذا المنهاج القرآني هو حامل رسالاته لأن نور القرآن لا يمتد شعاعه إلى الآخرين إلا باشتعال قلب حامل كلماته وتوهجه بحقائقه الإيمانية[39]) ولقد رأينا بركة هذا المنهاج وتأثيره الذي يكتسح كل الأسوار والقلاع والحصار على يد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه عبر التاريخ

والاشتغال بالقرآن بهذا المنهاج (ليس معناه إلغاء وسائل العمل الإسلامي الاجتهادية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وثقافية وإنما يجب أن تخضع لتوجيهات القرآن وأولوياته )[40]      

ومع الأسف (فان أغلب فصائل الحركة الإسلامية في شغل شاغل عن هذا المنهاج ولقد سجلنا في غير ما كتاب تشخيصنا لأزمة العمل الإسلامي المعاصر ...)[41]

 وتلقي القرآن بهذا المنهاج [تلاوة بمنهج التلقي وتزكية للنفوس بمنهج التدبر وتعلما وتعليما بمنهج التدارس ] سيستغرق عمر الإنسان كما استغرق حياة الصحابة والنبي قبلهم (وأحق ما توهب له الأعمار كتاب الله)

وخلاصة لهذه الرسائل الخمس أنه يلزمنا أن نجاهد أنفسنا  على قراءة القرآن بإخلاص وأن نروض عنفوانها على تدبره  مستشعرين أن الله يكلمنا ويقصدنا بخطابه متخذين مجالسا لتدارسه ومدارسته داخل أسرنا ومعارفنا المقربين لإنارة قلوبهم عازمين على جعل القرآن مشروع حياتنا من خلاله نبني أنفسنا على مكث مقتفين منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في صناعة الإنسان الصالح والمصلح .وما أصعبها من وظيفة وما أعظمها من مهمة  وهي يسيرة على من يسرها الله عليه

محمد بعزاوي  أستاذ التربية الإسلامية الناظور   المملكة المغربية

 الهاتف وواتساب 0676433033



[1]هذه المعلومات ماخوذة من ص الكتاب هذه رسالات القرآن فمن يتلقاها  رقم  109 تحت عنوان نبذة عن المؤلف

[2]  المصدر نفسه شهادة من الدكتور احمد الريسوني ص 06

[3] من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

[4]  ص 39

[5]   ص104

[6]  ص 104

[7]  ص 102

[8] سورة البقرة

[9] ص    105 /106 بتصرف

[10] ص   89بتصرف

[11]  ص 90

[12]  ص  93/94  بتصرف

[13]  ص 87

[14]  ص 97

[15]  40 ص بتصرف

[16]  ص  41

[17]  ص     43/44   بتصرف

[18] سورة النحل 02

[19] سورة غافر الآية 15

[20] سورة الشورى الآية 52

[21]  ص  35

[22]  ص 41

[23]   ص46                                                                                                                                            

[24]   ص 32

[25]  ومن معان السبب : الحبل  وهو المقصود وفي الحديث  الذي عرف بالقرآن (وَهُوَ حَبْلُ الله المَتِينُ) وللمحدثين مقال في سند الحديث

[26]  اخرجه الطبراني في الكبير وابن حبان في صحيه والبيهقي في شعبه وصححه الألبلني في السلسلة الصحيحة من هامش ص 33

[27]  ص 34

[28]  ص 36

[29]   ص 35

[30]  سورة ابراهيم الآية 02

[31] سورة محمد الآية 24

[32]  ص60 و61 بتصرف

[33]  ص 69

[34]  ص 63

[35]  ص65

[36]  ص70

[37]  ص 12و13

[38]  ص210

[39]  ص21

[40]  ص13

[41] ص 19






أحدث أقدم

ميزة جدول التنقل